مذبحة دير ياسين..طريق المخطط الإسرائيلي إلى القدس (تقرير)

القدس،9 أبريل ( ان ان ان – الأناضول )–أرادت المنظمات الصهيونية عام 1948، ربط مدينتي تل أبيب والقدس، ولكن ذلك كان يستدعي إخلاء عدد من القرى الفلسطينية ومن بينها دير ياسين.

كما سعت في ذات الوقت، إلى إرهاب الفلسطينيين، ودفعهم للنزوح عن قراهم ومدنهم.

وفي فجر التاسع من إبريل/ نيسان 1948 كانت قوات عصابات “اتسيل” اليهودية تتقدم نحو القرية الفلسطينية، وقتلت في غضون عدة ساعات أكثر من 100 فلسطيني، في عملية ترهيب انتهت بتهجير جميع سكان القرية الذين كان عددهم قبل المجزرة يزيد عن 600.

وتم هدم الجزء الأكبر من مباني القرية، بعد ارتكاب واحدة من أبشع المجازر الإسرائيلية فيها.

ويقول الدكتور نظمي الجعبة، أستاذ التاريخ في جامعة بيرزيت، لوكالة الأناضول “دير ياسين وقرية لِفتا المجاورة كانتا المدخل الغربي لمدينة القدس، وبالتالي فإن التخلص منهما كان بمثابة عنق الزجاجة للقدس، ومن يسيطر عليهما تسهل عليه السيطرة على القدس”.

واليوم بعد 73 عاما من المجزرة، تحوّل اسم “دير ياسين” العربي، إلى “جفعات شاؤول”.

ويقول الجعبة “جفعات شاؤول كانت مستوطنة أقيمت قبل عام 1948 على جزء من أراضي دير ياسين ولِفتا، وبعد المجزرة توسعت هذه المستوطنة بشكل كبير”.

وأضاف “ما زالت هناك بعض المنازل القليلة في البلدة حتى الآن، وهي تكاد تكون مخفية ما بين المنازل القائمة، ومنها منزل المختار (عُمْدة القرية) والمدرسة التي تستخدمها السلطات الإسرائيلية كمستشفى للأمراض العقلية”.

وعلى مر السنين، تُكشفت الكثير من التفاصيل عن مجزرة دير ياسين.

وتقول مؤسسة “ذاكرات” غير الحكومية الإسرائيلية التي توثق النكبة الفلسطينية عام 1948 “قُتل في مذبحة دير ياسين 115 فلسطينيا، من بينهم نساء وأطفال ومسنين عزّل”.

وأضافت في كُتيب حصلت الأناضول على نسخة منه “أرعبت هذه الجريمة باقي السكان العرب، ففرّ آلاف الفلسطينيين خوفا إثر الحدث الذي هز الرأي العالم العالمي، حتى أن حكومة إسرائيل اضطرت الى استنكار العمل”.

واستدركت “شكّلت مجزرة دير ياسين نقطة تحوّل في تاريخ البلاد، إذ أنها أدت إلى فرار الكثير من الفلسطينيين من وطنهم، فقد فهموا أن البقاء على الأرض سيؤدي بهم إلى مصير مماثل، وبالفعل فقد نفذت العديد من المجازر في أماكن أخرى”.

وتضيف مؤسسة ذاكرات “ما تزال حكومة إسرائيل تنتهج ذات السياسة منذ مجزرة دير ياسين، ويتمثل هذا النهج في خطين: الأول وهو النهج السياسي للدولة التي تحاول أن تستولي على أراضي الفلسطينيين”.

أما الخط الثاني-وفق ذاكرات، “فهو الذي بدأ بدير ياسين وهو اقتلاع الفلسطينيين من وطنهم، حيث أصبح معظم الشعب الفلسطيني مشردا”.

وفي هذا الصدد يقول الدكتور الجعبة “أصبحت المعلومات عن دير ياسين تفصيلية بعد الكشف على مر السنين، عن المزيد من الوثائق عنها”.

وأضاف “يتضح من هذه الوثائق أن ما جرى كان جزءا من خطة محكمة لإخلاء المنطقة من السهل الساحلي وغرب القدس، وذلك لتمكين الوصل من بين تل أبيب والقدس”.

وتابع “من أجل تحقيق ذلك، فإنه كان يتوجب إخفاء كل القرى الفلسطينية الممتدة على هذا الخط وخاصة دير ياسين ولِفتا”.

ولفت الجعبة إلى أن الفلسطينيين كانوا يعون خطورة ما يحاك ضد تلك المنطقة، والدليل على ذلك معركة القسطل، التي وقعت مطلع شهر إبريل/نيسان 1948 في المدخل الغربي لمدينة القدس.

ويضيف الجعبة “رحم الله الشهيد عبد القادر الحسيني، فقد قاتل بشراسة من أجل عدم سقوط تلك المنطقة إلى أن استشهد على أرض المعركة”.

وأكمل “بانتصارها بمعركة القسطل، نجحت الحركات الصهيونية إلى حد ما، في تنفيذ مخططاتها وأدى ذلك مع مجزرة دير ياسين إلى سقوط الكثير من القرى الفلسطينية بالمنطقة”.

ووقعت معركة القسطل، غربي القدس، بين المقاتلين الفلسطينيين والعرب من جهة، وقوات “الهاجاناه” اليهودية في مطلع شهر نيسان/إبريل 1948، ومثّلت البداية لسقوط أجزاء من المدينة بأيدي الجماعات اليهودية.

ويقول خليل التفكجي، مدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية، لوكالة الأناضول “تم توسيع حي جفعات شاؤول الاستيطاني ليشمل قرية دير ياسين، وهي تشمل الآن منطقة صناعية كبيرة”.

وأضاف “ما تبقى من المنازل يُقيم فيه يهود الآن، والمحال التجارية تم تحويلها إلى منشآت تجارية، في حين أن مقبرة القرية اختفت تماما، (دمرتها إسرائيل)، ويتم استخدام مبنى كبير كمستشفى للأمراض العقلية”.

وتابع التفكجي “تم تهجير السكان الفلسطينيين تماما من القرية، عام 1948”.

ويقول المؤرخ الفلسطيني وليد الخالدي في كتابه “كي لا ننسى”، إن دير ياسين كانت تقع على المنحدرات الشرقية لتل، يبلغ علو قمته 800 متر، وتطل على مشهد واسع من الجهات كلها.

ويضيف “كانت القرية تواجه الضواحي الغربية للقدس- التي تبعد عنها كيلومترا واحدا- ويفصل بينها واد ذو مصاطب غرست فيها أشجار التين واللوز والزيتون”.

ويكمل “كان هناك في موازاة الطرف الشمالي للوادي طريق فرعية تربط دير ياسين بهذه الضواحي، وبطريق القدس- يافا الرئيسي، الذي يبعد عنها نحو كيلومترين شمالا”.

وأشار الخالدي إلى أن الجيش العثماني، قام إبان الحرب العالمية الأولى، بتحصين مرتفعات دير ياسين كجزء من نظام الدفاع عن القدس.

وفي 8 ديسمبر/ كانون الأول 1917، اقتحمت قوات يقودها الجنرال البريطاني أدموند أللنبي هذه التحصينات، في الهجوم الأخير الذي أسفر في اليوم التالي عن سقوط القدس في قبضة الحلفاء.

وتشير تقديرات فلسطينية إلى أن 531 قرية ومدينة فلسطينية قد طهرت عرقيا ودمرت خلال نكبة العام 1948 .

وبعد عدة أسابيع من المجزرة، وتحديدا في منتصف مايو/ أيار، أُعلن عن إقامة دولة إسرائيل، بعد تهجير نحو 800 ألف فلسطيني من قراهم ومدنهم، وما زالوا حتى الآن (هم وذرياتهم) “لاجئين” في مخيمات ومدن تقع في الضفة وغزة والأردن ولبنان، وسوريا، وبقية دول العالم.

شبكة أنباء عدم الإنحياز – س.ج

Related Articles